14‏/02‏/2012

الجمال .. مفهوم وإدراك






الجمال .. مفهوم وإدراك


**************


عندما يتخلى الإنسان عن روحه مقابل جمال الملامح ..


قد يجعله ذلك جميلاً فى عيون الآخرين ...


ولكن عندما تُرفع الستار ليرى الحقيقة ..


سيعرف مدى الأثام التى أرتكبتها يداه ..



يدرك وقتها كم الحماقات التى لوثت ثوبه ..



يرى كذلك ذلك الشر المنبعث من أعماقه



هذه هى صورة دوريان جراى


الصورة التى أصبحت الضمير الذى يؤنبه عن افعاله

فماذا يفعل لكى يريح ذاته ...

ويتخلص من عذاب ضميره ؟؟؟



**************


معا ً نرتحل فى رحلة مع أديب فنان هو


أوسكار وايلد


ورواية رائعة هى صورة دوريان جراى ..



ربما هو عرض لقراءة الرواية أو تحليل لما تحتويه ..



لكن قراءة الرواية ستكون رحلة متميزة وشائقة
ربما قبل قراءة المقال أو بعدها قد يكون الأمر مختلفا ً فعليك الإختيار هل تقرأ الرواية الآن أم لا أو لا تقراها على الإطلاق !!!


فلنبدأ الرحلة ....



يقول د. أحمد خالد توفيق
:


" لقد كان لدوريان جراى أمنية غالية ..



لقد تمنى أن يحتفظ بشبابه على حين تشيخ صورته وتحمل أوزاره وخطاياه بدلا ً منه وكان له ما تمنى ..



بعدها أدرك أنه يهاب الصورة ويخشاها كالشيطان ذاته ...

وكذا قدم لنا أوسكار وايلد دراسة شائقة عن جمال الصورة ...

وفساد الروح "


**************


يقول عنه ماكس بيروم " كان الجمال موجودا ً قبل عام 1880 ولكن أوسكار وايلد هو أول من رآه "


**************


فلنبدأ سوياً فى سطور قليلة رحلة سريعة عن أوسكار وايد


ولد فى دبلن عام 1854 وتوفى فى باريس عام 1900 وبينهما حياة زاخرة بالعديد من الإبداعات الادبية والعبارات الخالدة ورواية واحدة هى ما نتحدث عنها اليوم وهى صورة دوريان جراى التى وإن اصبحت الآن رواية أخلاقية تبحث فساد الروح وجمال الصورة إلا انها كانت دليلا ً من أدلة إدانته فى محاكمة (كوينزبيرى ) والتى تم الحكم فيها على أوسكار بالسجن عامين بتهمة الفساد الأخلاقى .


للأسف ليست السطور هنا كافية للحديث عن أوسكار وايلد وربما يكون هناك لقاء قادم نسرد فيه معا ً قصة حياة هذا الفنان التى لاتكفيه بضعه سطور والذى قال عن روايته هذه : ليس هناك عمل فنى اخلاقى أو غير اخلاقى وإنما معيار الحكم هو هل العمل مكتوب بشكل جيد ام لا ؟


إلا أننا نرى ان نهاية دوريان جراى كانت اخلاقيه جدا ً .


ويقول أوسكار وايلد أيضا ً " على الفنان أن يخلق اشياء جميلة دون أن يضيف شيئا ً من حياته إليها "




وقال ايضاً " إن الطبيعة تقلد الفنان "



ولكننا نرى هنا انه كان كاذبا ً فأحداث القصة تعود لموقف شخصى له حيث اعتاد زيارة صديقه الرسام ( بازل وارد ) فى مرسمه وذات يوم كان الجالس أمامه شاباً بارع الجمال





فقال (أوسكار) لصديقه :


أليس حزينأً ان نرى هذا كهلا ً فى يوم ما ؟؟


فرد عليه (وارد ) فى موافقة :


سيكون ذلك رائعا ً إذا اصبح هكذا إلى الأبد بينما الصورة هى التى تشيخ .




ومن هنا جاءت البداية


**************


عن جمال الصورة وفساد الروح نتحدث ..



والجمال الحقيقى إنما هو جمال مالا ترى ولكنك تحس به رغم ذلك فى أشياء من حولك


لقد كان دوريان جراى صورة جميلة تخفى ذلك الشر الذى سكن براءة ملامحه التى لاتشيخ أبدا ًلكن عذابه تمثل فى صورة ...


صورة تحمل ملامحه الحقيقية بكل قسوتها وشيخوتها وشرها وكأنها بمثابة ذلك الضمير الذى لا يعرف عنه شيئا ً
لقد عرض أوسكار وايلد صورة جميلة توضح فساد صاحبها فما تراه وتظن أنه جميلا ً قد يكون واقع حقيقته مستنقع رائعته عطنه ومياهه راكده وارضه موحله


إنه ذلك الفارق بين جمال الجسد وفساد الروح



**************


لقد كان جمال دوريان جراى جمالا ً أبديا ً ولكن ليس كل جمال أبدى هو جمال حقيقى فدوريان كان يعبر عن جمال مزيف مجرد مظهر خارجى يخفى وراءه الكثير من الجرائم التى إرتكبها لكى يحافظ عليه لكن جماله ذهب وبقى جمال الصورة كما كانت منذ رسمتها ريشة فنان

ذهب بيده عندما قرر التخلص من الصورة التى تعكس ما بداخله
أمسك خنجره ودون تردد طعن اللوحة وفى الخارج سمع الجميع صرخة بشعةصرخة واحدة ثم هدوء تام فانطلق الجميع إلى الداخل فلم يجدوا سوى مسخ لم يعرفه أحد سوى أنه يرتدى فى أصبعه ذلك الخاتم الذى كان يرتديه دوريان جراى

وعادت الصورة كما كانت رائعة الجمال لدوريان جراى بكل جماله وسحره ورونقه وشبابه



وبذلك تنتهى قصة هى أروع ما كتب أوسكار وايلد عن الوجة ...

والوجة الآخر


عن الأصل


والصورة



ولكنها ليست أى صورة


إنها صورة دوريان جراى .





**************


الرواية : The Picture of Dorian Gray


المؤلف :
Oscar Fingal O'Flahertie Wills






هناك تعليقان (2):

  1. مقال جميل جدا ، بصراحة انا مش كنت اعرف القصة دى ، لكن لما قريت المقال جبت القصة المترجمة " لدكتور احمد فى روايات عالمية " وقريتها ، وعجبتنى جدا ، نهاية القصة مؤسفة لشاب ضحى بكل حاجة مقابل الاحتفاظ بالشباب ، صحيح ان الشباب نعمة لا تقدر لكن فى نفس الوقت هو خسر روحه واخلاقه وآذى ناس كتير فى سبيل الحفاظ على شبابه ، وفى النهاية برضه معرفش يستمتع بيه بشكل طبيعى
    شكرا على المقال :)

    ردحذف
  2. أرسلت عدة تدوينات للترشح لكتاب المئة تدوينة تم قبولها ماعدا هذه التدوينة حيث أن تاريخ النشر الفعلي لها في 2010

    بالتوفيق

    ردحذف